كتب - شريف سمير :
لا تموت الفكرة برحيل صاحبها، خصوصا لو كان من فصيلة زعيم اسمه "حسن الصباح"، يتمتع بكاريزما الإقناع والإبحار فى علوم الفلك والهندسة والسحر، ومن قوة شخصيته وتأثيره فى الآخر صنع طائفة من الجنود والمأجورين قلبت التاريخ رأسا على عقب، وعاشت فترة طويلة بعد وفاته تعيث فى الأرض فسادا وإرهابا وانخرطت فى أنهار الدم والانحلال والإلحاد!.
** أصل الكلمة!
واحتارت الروايات فى تفسير أصل كلمة الحشاشين مابين أكل العشب وحشائش الأرض لمواجهة حصار التجويع، وتغييب الوعي بمخدر الحشيش لشراء الولاء وغسل العقول وسلب الإرادة .. وبقي سيرة الصباح زعيما فريدا من نوعه حتى وإن اختلفت مع أطماعه ورفضت أسلوبه ومنهجه فى سيادة العالم ونشر مفاهيمه وأفكاره المسمومة.
** دولة ألموت الإرهابية!
وبعد سلسلة من الاغتيالات وتصفية الخصوم فى الدولة السلجوقية منذ عام 1092، استطاع الصباح وجماعته "الحشاشين" أن يزرعوا الرعب فى القلوب ويهددوا أركان أى عرش فاطمى شيعي أو عباسي سني أو نصر أيوبي .. وكانت الطائفة الإرهابية توجه ضرباتها القاتلة والقاضية لأعدائها فى كل مكان، والزعيم الصباح مستقر في قلعة ألموت الحصينة، ويحرك الأمور ويصدر الأوامر بنظرة من عينية وإشارة من إصبعه ولاينطق بكلمة واحدة .. واستمر الوضع طوال 35 عاماً حتى وفاته، حيث كان يقضي معظم وقته في القراءة والمطالعة، والتخطيط لنشر المذهب الباطني الإسماعيلي النزاري، ومراسلة الدعاة وتجهيز الخطط، وكان همه الأول كسب الأنصار والمؤيدين الجدد، والسيطرة على القلاع والبقاع الجديدة التي تسهم، في توسيع النفوذ بتلك النواحي.
** قناع الزهد!
وروي المؤرخ ابن الأثير عن الصباح واصفا إياه بأنه حاد الذهن، ثاقب الفكر، ورسم لنفسه صورة الزهد والتقشف رغم قسوته وجبروته، وأشار ابن الأثير إلى أنه لم يجرؤ أحد على شرب الخمر علنًا أو صبها في الجرار، وكان يقتل هو وأتباعه بغير رحمة حتى أنه أعدم اثنين من أبنائه.
** خلفاء الشيطان!
ولم تنته قصة الحشاشين مع وفاة ابن الصباح، وإنما شهدت فصولها مغامرات ومؤامرات لاحصر لها فى عهد خلفاء الصباح من أحفاده، حيث استمرت الصراعات المسلحة بين الإسماعيلية الباطنية، والسلاجقة وتوسعت مناطقهم، وتمكن الحشاشون من الاستيلاء على قلاع جديدة، لكن السلاجقة استطاعوا احتواء خطرهم سنة 1107م عندما استولى السلطان محمد السلجوقي على قلعة شاه دُز بالقرب من أصفهان، وقتل عدداً كبيراً منهم، وفق الروايات التاريخية.
** النهاية على "نصل" سيوف التتار!
وبقي خطر الحشاشين قائماً بوجود قلعة ألموت الحصينة، وتتابع خلفاء حسن الصباح على نشر دعوته .. وتوافد على قيادة الحشاشين 7 حكام من نسل الصباح، وكان آخرهم ركن الدين خورشاه بن علاء الدين، ، وصولا إلى عام 1256 ميلادية، عندما استطاع التتار اقتحام "دولة ألموت" وتدمير كل القلاع المحيطة، وسقطت شجرة الحشاشين بسيوف المغول وقائدهم هولاكو حفيد جنكيز خان، وقضوا عليهم في إيران عام 1256، ثم أجهز عليهم الظاهر بيبرس في الشام عام 1273.